اعتزلت القهوة..
علّي أتخلّص من رواسبك العالقة فيّ..
من هذا التفل الذي لا أريده أن يخبرني أيّ شيء عن مستقبلي..
ولا عن ماضيّ..
اعتزلت القهوة ..
علّي أعيش ولو لمرة حاضري..
بعيداً عنك..
اعتزلت القهوة..
اعتزلت هذه الرائحة الصباحية التي تذكّرني بملح البحر يرتطم بجبينك..
مزيج كيماوي لا اريد سوى أن أتنشّقه ليملأ رئتيّ بملوحة تكاد تخنقني..
ملوحة تثير الشهوة...
فلا أريد سوى أن أمرّر لساني على هذه القطرات المقززة التي تصدح من جبينك..
لأضيف ملحاّ على مرارة قهوتي..
المرارة أيضاً اعتزلتها..
هذه المرارة التي أرفض أن أحلّيها..
خوفاً من أن ألوّث مزاجك الصباحي العكر..
خوفاً من أن أثقل هذا الصمت الذي يلفّنا..
خوفاّ من تلطيف هذا الجو المشحون..
ففي دوامة غضبك ولامبالاتك جمالية شاعريّة إلى أقصى الحدود..
أقف أمامها بخشوع، منحنيةً أمام كرمك..
كرمك عندما سمحت لي أن أشاركك هذا السكون..
أن أشهد بداية الإعصار..
اعتزلت القهوة لأنني لم أعد أريد أن أنحني أمامك..
لأنني لم أعد أريد أن أُذهل بسوداويتك..
لأنني لم أعد أكتفي بالصمت..
اعتزلت القهوة لأنها كذبة..
كذبة تشبهنا عندما نكون معاً..
وتلاحقنا حبالها عندما لا نكون..
اعتزلت القهوة..
أو ربّما هي اعتزلتني..
لأنني لم أعد احتسيها معك..
لأنّها لا تريد أن أحتسيها إلا معك..
No comments:
Post a Comment